الاعلانات التلفزيونية ...بين العشوائية والابداع






مقالى المنشور فى صحيفة السودانى عدد الثلاثاء 9/5

تشكل الاعلانات التلفزيزنية عاملاَ مهما فى جذب المستهلكين وتوسيع قاعدة الانتشار للمنتج او الخدمة التى تقدمها الشركات للجمهور كما ان الهدف من الاعلان يبدو ظاهرا من خلال طريقة عرضه الى تغيير سلوك المشاهد حتى يصبح بطريقة او باخرى مستهلكا جيدا.. ..... والمتتبع للاعلانات فى القنوات الفضائية السودانية يظل حائرا بين الدهشة والتعجب والسخرية خصوصا الاعلان اثناء المسلسل او مباريات كرة القدم ...فهناك العديد من الاعلانات فى السودان تفتقر للابداع لدرجة تجعلك تشك فى ما وراء هذا الاعلان هل هو لجذب المستهلك وتغيير سلوكه ام هو مادة للسخرية والضحك ...وباستثناء شركات الاتصالات فى السودان نجد ان اغلب الاعلانات تبدو فقيرة من حيث الاهداف التسويقية لجذب المستهلك ونجد ان هنالك اعلانات ليست بالاعلانات بقدر ماهى اغانى هابطة عولجت بطريقة (بايخة) لتكون اعلانا...وباستثناء الاعلان الموجهة التى تحمل رسائل سياسية فى مجملها نجد ان مادة الاعلانات السودانية مضحكة الى حد بعيد وتبعث الملل فى النفوس.....
ومن خلال هذا المقال ادون بعض ملاحظاتى الشخصية لعدد من الاعلانات التى تم عرضها فى شهر رمضان الفائت ضمن الحملة التسويقية للشركات الكبرى فى السودان...


* اعلان شركة ام تى ان فى الحملة الرمضانية لهذا العام يحمل الطابع الدرامى وفيه فكاهة لاتخطئها العين ويبدو ان الشركة قد حالفها التوفيق فى اختيار الممثل الفكاهى البارع عضو فرقة الهيلاهوب عوض شكسبير فى اغنية (من غير ماتسب وتتعب ...العالم اصبح اقرب)...فالشكل الفكاهى الذى ظهر به الممثل عوض شكسبير فى هذا الاعلان اضفى على الاعلان جوا من الفكاهة على المادة الاعلانية ويبدوا ان المخرج اعتمد على موهبة الممثل فى ايصال الرسالة الاعلانية واظن انه نحج الى حد ما فى مسعاه ... وهذا الاعلان برغم الكوميديا الظاهرة فى محتواه الا انه يذكرنا باعلان (حبوبة ومسجاتها) الذى ابدع فى اخراجه المخرج بدر المحمود ويبدو ظاهرا ان الشركة تعتمد فى فلسفتها الاعلانية على البساطة فى الفكرة حتى تكون قريبة من ثقافة الشعب السودانى وعفويته...لذا تستحق شركة (ام تى ان) التصفيق فى حملتها الاعلانية فى رمضان وكان اعلانها التلفزيونى كالعادة قشيبا وملفتا للنظر وباعثا للارتياح...

* اعلان شركة (زين) (سمحة المهلة).... كاى اعلان للشركة فيه ابداع ظاهر لاتخطئه العين واكثر ما يلفت النظر هو اختيار مجموعة الاطفال للرسالة الاعلانية فى قالب درامى بكل هذه الملامح السودانية البريئة الجميلة ,,وللشركة باع طويل فى ذلك ويبدو انها استفادت من خبراتها المتراكمة فى الاعلانات ... كما تظهر الامكانيات المادية الكبيرة فى مجمل اعلاناتها , والاجمل فى هذه المادة الاعلانية هو الموسيقى المصاحبة لهذا الاعلان تتخللها تلك الضحكات البريئة مع الختام المعروف وهو الرسالة الاعلانية التى تقدمها الشركة لجمهور المستهلكين...
 
 ولكن فى اعتقادى ان اعلان (رمضان احلى فى السودان) يستحق ان يكون الاعلان الاول بلا منازع فى الحملة الرمضانية لهذا العام لما يحمله من مضامين جميلة لهذا الشعب وهذا الاعلان هو الاجمل لشركة (زين) حيث اعتمد المخرج على موهبة التصميم والجرافيك مستصحبا اجمل المعالم المعمارية فى السودان من المساجد وحتى البيوت السودانية لقيت حظها فى هذا العمل الفنى اضف الى ذلك التوزيع الموسيقى المدهش والصوت الجميل الذى ادى كلمات الاغنية وماحوته من معانى جميلة .

* حملة (كلنا) الاعلانية لشركة سودانى التى استمرت طوال شهر رمضان رغم ضخامته الا انه جاء دون المتوقع ..ففكرة الاعلان رغم انها جميلة لها اهداف سامية ونبيلة الا انه نعيب على مخرج هذا الاعلان كل هذا الصخب والروح العدائية والتعصب فى اول الاعلان رغم النهاية الجميلة لهذه المادة الاعلانية التى اعتمد المخرج فى مايبدو الى حدث كروى قام فى السودان لمباراة تجمع بين ابرز المنتخبات العربية فى احدى منافسات كرة القدم والقت بظلالها على الشعبين الشقيقين ..ولكن تاتى الشركة فى هذا الشهر ضمن حملاتها الدعائية باعلانات من اجمل ماتم عرضه فى الشهر الكريم من خلال مادة دينية دسمة اعتمدت فى الاساس على بعض الاحاديث النبوية التى تدعو الى مكارم الاخلاق والرحمة والتمسك بالقيم الاسلامية الجميلة التى يتمتع بها الشعب السودانى ونحسب ان شركة سودانى قد ابدعت فى هذا الشهر الفضيل فى اختيار مادتها الاعلانية ووفقت الى حد بعيد فى طرح رسالتها الاعلانية مراعية النزعة الدينية فى هذا الشهر الفضيل وان كنا نتوقع من هذه الشركة ان تاتينا باعلان مشابه لاعلان رمضان الفائت (اكتبنى ياربى فى صحيفة رحمتك)...ونتوقع من هذه الشركة مزيدا من الاعمال الفنية فى رسائلها الاعلانية...

* شركة دال للمنتجات الغذائية من الشركات البارعة فى مجال الحملات الاعلانية ويظهر جليا فى كل اعلاناتها الامكانيات الفنية المهولة التى يتمتع بها الطاقم الاخراجى لشركة الانتاج واللمسة الابداعية فى كل الاعمال التى تقدم عبر الفضائيات السودانية ولازال الجميع يحفظ عن ظهر قلب الاعلان الجميل (دا شنو اكل حلو دا ياماما) وفى رائي المتواضح يعد هذا العمل من اجمل ماقدمته الشركة من حملاتها الدعائية حيث اعتمد المخرج لهذا العمل على موهبته الفذه فى اخراج هذا العمل بهذا الجمال..هذا الموسم اطلقت الشركة اعلانها الجميل (نوبو) ويبدوا ان الشركة قد صرفت فى هذا الاعلان صرف من لايخشى الفقر,,, ويبدو ظاهرا ان هذا العمل انتج فى احدى الدول الاوروبية للامكانيات المهولة التى ظهرت فى هذا الاعلان والعنصر البشرى الضخم الذى ادى هذا العمل بكفاءة لاتتوفر عند ممثلوا الاعلان فى السودان ...ورغم ان الاعلان اعتمد على الرقص بصورة اساسية فى هذا العمل واظهرت المؤديات براعة فائقة فى الرقص.. ورغم ان مواقيت عرض هذه الحملة جاء متزامنا مع شهر رمضان مما قد يجعله عرضة للانتقاد الا انه بالفعل من الاعلانات الجميلة جدا كما عودتنا هذه الشركة العملاقة فى حملاتها التسويقية مما جعلها تتصدر سوق الاعلان فى السودان مزاحمة شركات الاتصالات الكبرى... 

* على الرغم كمية الاعلانات التى تم عرضها فى هذا الموسم نجد ان اكثرها باعث للسخرية والضحك وبعضها فيهو (هبالة) ظاهرة باثتثناء بعض الشركات التى قدمت اعلانات جميلة على غير العاده ونعيب عليها تركيزها على الاغانى الهابطة وتبديلها لكلمات تروج عن المنتجات .. ومن الملاحظات الغريبة نجد ان بعض الشركات قد احرجت بعض الممثلين والفنانين فى تقديم مواد اعلانية دون المستوى من حيث الفكرة والمضمون مما يجعلهم مصدر سخرية كتاب الاعمدة الصحفية وعلى صفحات التواصل الاجتماعى كالفيسبوك وتويتر .
اخيرا...لابد لنا ان نعترف ان سوق الاعلان فى السودان تطور كثيرا عما كان فى السابق واصبحت بعضها جاذبة للمشاهد وفيها كثير من الابداع والتطور وختاما نامل من منتجى هذه الاعلانات وادارات التسويق بالشركات ان تراعى فى رسائلها الاعلانية ذوق المشاهد السودانى مستصحبة معها القيم الجميلة التى يتمتع بها هذا الشعب الاصيل ...
مع خالص الود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق